التغذية البصرية وأهميتها للخطاط

تمثل التغذية البصرية جانبًا مهمًا عند الخطاط، إذ تعتبر الوسيلة الأولى لحفظ الأشكال وتفاصيلها، التي تقوم العين بإرسال هذه الصور إلى العقل الذي بدوره يقوم بالاحتفاظ بها. أما اليد فهي المرحلة الأخيرة من مراحل الخطاط، فهي ناتج للمحفوظ البصري بحيث يعطي العقل الأمر لحفظ الصورة أو الشكل الذي حفظه، ليتم إخراجه أو طباعته من قبل اليد. وهنا يظهر لنا الفرق بين قدرات الناس على الحفظ البصري، فالبعض يحفظ من نظرة والبعض من نظرتين، والبعض يحتاج إلى تكرار أكثر، ويختلف الناس أيضًا في رؤيتهم، فَلَو افترضنا أن هناك صورة لحاء مجموعة، وقلنا لعشرة من الهواة في مجال الخط أن ينظروا إليها، فلا شك أن الصورة واحدة ولكن الناظر مختلف، وهذا ما يسمى بقوة الملاحظة أو النظرة الدقيقة، فالبعض ينظر إلى مكان القلم كيف تحرك، فهو هنا يحفظ الشكل العام والاتجاهات، والبعض ينظر إلى الفراغات في الحرف فيرى الفراغات التي كوّنها الحرف أثناء الدوران أو مع التقويس، وهكذا، أما اليد فهي ترسم ما تم تصويره.

فالأصل عند الخطاط ألا يتوقف عن المشق بعينيه، فإنه أضر من توقف يده عن الكتابة. والتغذية البصرية للعين مهمة للخطاط في الحفاظ على الصورة وتثبيت الجوانب الناقصة في الصورة الموجودة في العقل. لأن الانسان لا يستطيع أن يحيط بالصورة من كل جوانبها من نظرة واحدة، ولكن تكرار النظر إلى الكتابات الجيدة هو نوع من أنواع المشق المجازي، الذي يعتبر من الأشياء المهمة ومن الأسباب الناجحة التي التزم بها معظم الخطاطين قديمًا وحديثًا للوصول إلى قمة النجاح.

ومن السلبيات عند البعض أنه يمر عليه الأسبوع وهو معتكف على المشق دون أن ينظر إلى مرجع لتقييم الصورة المحفوظة لديه الظاهرة في كتابته. بل الأفضل قبل التمرين أن يأخذ الطالب المنهج الذي يكتب منه، فينظر إليه بتمعن، وإن استطاع أن يجعل وقت المشق مقسومًا بين النظر والكتابة فليفعل فإنه أنفع له. فإذا نظر الخطاط إلى اللوحة بمجامع عينيه نقول رَمَقَ اللوحة، وإن نظر إليها من جانب أذنه نقول لَحَظَها، وإن نظر إليها بعجلة نقول لَمَحَها، فلا أريدك أن تلمحها أو تلحظها بل ارمقها جيدًا بمجامع عينيك.

د. زكي الهاشمي

ربما يعجبك أيضاً…

بين التقديس والأدب

بين التقديس والأدب

من المعلوم أن الإنسان يخطئ ويصيب، وهي سمة واضحة تتجلى في معاملة الناس لأنفسهم أو لبعضهم، وبهذه الصفة نزعت مسألة...

 المقالات والأخبار تعبر عن مصادرها